الأستغناء عن النفط

هل يمكن الاستغناء عن النفط في المدى البعيد؟! إن هذا مرهون بعدة عوامل أهمها نضوب النفط بعد فترة من الزمن قد تطول أو تقصر تبعاً لمدى الاستهلاك العالمي، وعلى الاكتشافات الحديثة، وعلى الأبحاث الجديدة في مجال البحث عن بديل للنفط، أو عن الدراسات على الطاقة المتجددة والجديدة.

وتستعد مؤسسة دايملر - بنز (Benz - Demler) الألمانية، على المدى البعيد، لاحتمال الاستغناء عن النفط كمصدر رئيس للطاقة المستخدمة في قطاع المواصلات. وقد عبر عن ذلك البروفيسور هلموت فويلة في ندوة عقدت بفيينا، حيث أشار إلى أن هذه المؤسسة الألمانية تعمل بإصرار في البحث عن بدائل للنفط الذي تعتمد عليه الحركة والمواصلات في جميع أنحاء العالم. وإلى جانب استخدام قوة الدفع الكهربائية أشار العالم الألماني إلى أن فرصة استخدام غاز الهيدروجين والميثانول تبدو كبيرة جداً. ويمكن لهما أن يكونا بديلين لمادة النفط، كمادة احتراق محركة ودافعة في الدول الصناعية والنامية. بل أن مصادر الطاقة البديلة هذه يمكن أن تسهم في إزالة مشكلة (انحباس الحرارة) التي يسببها انطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون والتغلب عليها.
ويرى البروفسير فويلة أن أخطار توفر النفط في المجال الوطني سوف تزداد خلال العشرين عاماً القادمة، وذلك بسبب ازدياد طلب الدول النامية الكبير عليه من جهة وتراجع عدد الدول المنتجة للنفط من جهة أخرى.
ويؤكد البروفيسور فويلة أن مادة الاحتراق التي عرضتها مؤسسة دايملر- بنز توفر أفضل الشروط اللازمة لاستبدال المحركات التقليدية القديمة بغيرها بحيث لا تتولد عنها أي غازات ضارة، بل مجرد ماء صاف. فمادة الاحتراق هذه تتكون من غاز الهيدروجين الذي يقوم بتوليد الطاقة الكهربائية التي تتولى بدورها تشغيل محرك السيارة الكهربائي. وتسمح المعلومات المتوفرة حالياً بالقول إنه بالإمكان في إطار الشروط العامة وحتى عام 2010م أن يزداد الإنتاج السنوي من هذه المحركات حتى مائة ألف قطعة تقريباً (100 ألف قطعة) مع انخفاض سعر الكيلووات الواحد الناتج عن مادة الاحتراق.
وبدون أي تغيير جذري لأسس تجهيز الطاقة، فإن هناك نظرة متشائمة نحو الهدف الذي أعلنه مؤتمر قمة المناخ العالمية في تورنتو بكندا عام 1989م، والدول المشاركة فيه بخفض نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون حتى عام 2050م إلى نصف ما هو عليه في عام 1987م.
ويرى البروفيسور الألماني فويلة أن وكالة الطاقة الدولية تتوقع ازدياد هذه النسبة حتى عام 2020م بنسبة تتراوح ما بين 50% إلى 80%.
وتعكف مؤسسة دايملر- بنز في شتوتجارت وبشكل مكثف على الشئون المتعلقة بمواد الطاقة البديلة، حيث شاركت هذه المؤسسة في تجربة كبيرة تقوم على استخدام الوقود المستخرج من زيت السلجم في محركاتها. حيث تقدم هذه المؤسسة لشركات سيارات الأجرة اليوم سيارات خاصة تعمل بهذه المادة النباتية. كما تشارك المؤسسة ، ومنذ عام 1991م في ميدان التجارب المتعلقة بالسيارات الكهربائية في جزيرة روجن الألمانية الواقعة في بحر البلطيق وبصورة كبيرة.
كما تقوم المؤسسة بمتابعة تطوير تقنية غاز الهيدروجين منذ عام 1975م، حيث عرضت آنذاك سيارة تجريبية تعمل بغاز الهيدروجين.
ويعكف خبراء مؤسسة دايملر- بنز على الدراسة والتجريب في مضمار (دورة غاز ثاني أكسيد الكربون الحيادية) والتي تقوم على توفر أنظمة خاصة بالطاقة ترتكز على استخدام هذا الغاز من الهواء مباشرة واستخدامه كطاقة مولدة، بحيث لا ينجم عن احتراق الوقود، وانطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو، آكثر مما أخذ منه أصلاً. ويهدف هذا المشروع على خفض نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو، ثم استخدام الغاز الموجود في الهواء كمصدر للمواد الخام. ويمكن عن طريق التفاعل الكيميائي بين غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الهيدروجين توليد عنصر الميثانول الذي يمكن استخدامه في تشغيل محركات السيارات!.
ويبدو أن البحث لا زال مستمراً، والطريق لا يبدو قصيراً للاستغناء عن النفط قريباً!!.
إن الاستغناء عن النفط لا يبدو وارداً في المستقبل المنظور، أي في حدود 25 عاماً من الآن!! ومع ذلك فإن كثيراً من آبار النفط سوف تنضب خلال هذا القرن مما يحتم تطوير مصادر جديدة للطاقة.=>