مدينة طرابلس احد اقدم المدن التاريخية العريقة كان عدد سكانها قبل نصف قرن او يزيد لا يتجاوز ربع مليون نسمة بما فيهم القادمين من القرى والمدن الاخرى.. لكنها ومن سنة لأخرى يزداد عدد السكان فيها كل عام بنسب تصاعدية مذهلة بفعل التطورات الحضارية التي شملت النهضة العمرانية والتعليمية والاجتماعية وفي مختلف المجالات بصورة عامة وازدهرت الحياة فيها بشكل كبير وسريع فاقت حد الوصف . واليوم ونحن في الثلث الاخير من العشرية الاولى من هذا القرن الذي ازدادت فيه معطيات الحياة بكافة اشكالها وفي مقدمة ذلك وسائل المركوب الذي اصبح من ضمن الاولويات الاساسية لكل فرد واسرة الامر الذي شكل ازدحاما بصورة اساسية في كل شوارع واحياء صغيرة وكبيرة. ومن هنا فإن ما نشاهده ونعيش واقعة كل يوم في هذه المدينة يتلخص في الآتي :
اولاً:
بداية تخطيط مدينة طرابلس بشوارعها وميادينها القديمة منذ اكثر من نصف قرن وهو تخطيط قديم جدا لم يعد يستوعب هذا الازدحام الكبير بحكم عدد السكان الحاليين .. فمدينة طرابلس قبل خمسين عاماً كان عدد سكانها قليل جدا مضافا اليها عدد السيارات التي تسير في الطرقات العامة لا يزيد عن عشرة الاف وحتى العشرين الف كأقصى تقدير.
ثانيا :
التطور العمراني والحضاري للمعيشة وارتفاع الدخل العام خلال فترة خمسة وثلاثين سنة اي بعد قيام الثورة شكل نمواً متزايداً فاق حد الوصف والتقدير مما جعل كل مواطن حسب قدراته المالية ضرورة الحصول على سيارة لتسهيل مركوبه الخاص وحرم اسرته من بعض الالتزامات الاساسية لكي تكون لديه سيارة تقضي له حاجته الضرورية متى شاء وفي الوقت الذي يريد .ثالثاً:
الزيادة المضطردة في عدد السكان بثلاثة الاضعاف وزيادة الانخراط في الوظيفة العامة زاد كذلك بنسبة اربعة اضعاف (أى ما يقارب عن مليون وظيفة ).. التعليم والشرطة والصحة يشكلان نسبة كبيرة جدا تقدر بــ 70٪ حيث انه بهذه النسب كلها .. وهي نسب تقديرية زاد عدد السيارات في مدينة طرابلس وعلى مستوى هذه الشعبية حسب ارقام اللوحات المصروفة اكثر من نصف مليون سيارة لاكثر من مليون ونصف مليون ساكن في المدينة مضافاً الى ذلك حوالى مائتي الف سيارة من باقي الشعبيات الاخرى اي بمعدل مليون الاربع مليون سيارة تزدحم بها مدينة طرابلس كل يوم.
رابعا :
اتذكر انه قبل عشر سنوات ما ضية قام فريق من الخبراء من الدول المتقدمة ( اليابان) باجراء دراسات ميدانية على مشاكل المرور والازدحام في المدينة وخلص بنتائج هامة منها انه لا توجد مشاكل ازدحام مرور في المدينة وضرب مثلا بان شارع عمر المختار من ميدان الشهداء حتى ميدان التحرير كطريق اساسي للدخول والخروج منه .. هي منطقة دون ازدحام بحيث ان كل سيارة بها راكب واحد وتأخذ مسافة محددة وهذا يشكل فعلا الازدحام واشارت الدراسة لو أن كل سيارة تسير بحمولتها وهي اربعة ركاب لكان هناك فراغ في المساحة الباقية من الطريق يصل الى مقر الخطوط الجوية والباقي شاغراً.
خامسا:
منذ اكثر من ثلاث سنوات وبالذات هذا العام بات السير في شوارع المدينة شيئا مقلقا وعسيرا في معظم الشوارع يستغرق زمنا طويلا وبالذات عند الظهيرة واثناء الضحى .. الكل يريد الاولوية وقضاء مصلحته اضافة الى انسداد الحركة بسبب وقوف السيارات على اليمين واليسار ودون مراعاة الآخرين .. والمحلات التجارية هي احد الاسباب .
الحل:
يكمن في كيفية نقل الادارات الشعبية العامة والمصارف والشركات الكبرى خارج مدينة طرابلس جنوباً وتجميعها في مكان واحد بالطرق الصحيحة والسليمة والابقاء على المدينة كموقع تجاري فقط. اعادة النقل العام وتخصيص شوارع السير بشكل منظم ومستقر وتوسيع الشوارع الحالية وصيانتها مع وقف استيراد السيارات لمدة زمنية محددة الى حين الانتهاء من شق وفتح الطرق الرئيسية الكبيرة حتى لا تتفاقم زحمة مدينة طرابلس.